كعكة التربية اللذيذة !
ذات يوم أرسلت لي زميلتي في العمل صورة لكعكة قامت بصنعها ، فأعجبني شكلها وطلبت طريقتها 😌.
فأعطتني المقادير وبعض النصائح التي جعلتني أدور حول نفسي !!
نصائح غريبة :
* لا تضعي الزبدة وهي باردة.
*لا تغلي الحليب .
* لا تتركي الكعكة في الفرن كثيرا فتحترق😱.
أغلقت الهاتف ، و أنا مصدومة !!
قررت أن أترك صنع الكعكة ليوم غد ، حتى أفهم تفاصيل صنعها من زميلتي ، وأمسكت كتابي الذي أقرأ فيه ، وكان كتاباً عن تربية الأطفال ، فلفتت نظري جملة :
(لاحظ الكاتب أن الطفل يحصل على تسعة تعليقات سلبية في مقابل تعليق إيجابي واحد ، مما يجعل الطفل يشعر أنه لايستطيع فعل أي شيء بشكل صحيح)
😳😳😳
يا ساتر!!!
هذا ما حدث معي للتو !!
زميلتي أعطتني المقادير، و شرحت لي الطريقة بجمل سلبية بحتة ، مما جعلني أتيقن أنني لن أستطيع صنع الكعكة بالطريقة الصحيحة !!!
وهذا تماماً ما يحصل معنا في تعاملنا مع أبنائنا.
نعم ، فنحن نعرف التعليمات الأساسية في التربية ، لكننا نطبقها بسلبية معهم ، مما يؤدي إلى ظهور فوضى عارمة بيننا وبينهم ، ومن ثم حرب ضروس لا نهاية لها ، إلا أنها تخلف جرحاً لا يندمل في قلب الطفل !
فلماذا ننتظر من الجميع أن يعاملنا بإيجابية ، حتى في طريقة صنع المأكولات ، ونصر أن نعامل أبناءنا بهذه السلبية ؟؟؟
تذكرت ابنتي الصغرى ، فهي ذات طبع حاد يحتاج إلى ترويض !
لكن كيف لي أن أستخرج الكنز الدفين داخلها بالتوصيات السلبية؟
(لمعرفة المزيد عن الكنز يرجى قراءة مقال طفلي يحب الله ورسوله ج2)
وقتها خطرت لي فكرة جهنمية !
أن أقوم بإعداد مطبخ للتربية ، فقمت بالبحث عن الكتب التربوية من مواقع التواصل الاجتماعي ، كتبت قائمة بأهمها ، وبدأت باقتنائها واحداً إثر الآخر ؛ لأبدأ طريقي الجديد في عالم المأكولات التربوية .
خصصت دفتراً مميزاً لأكتب فيه الوصفات المميزة ، عازمة على وضع خطة جديدة لتربية بناتي وبالأخص الصغرى وأسميت الدفتر ( كعكة التربية اللذيذة )
وكتبت تحت العنوان :
ثلاث دقائق من التخطيط اليومي للتربية أفضل بكثير وأسرع من التعامل مع طفل غاضب لا تعلم كيف تسكته !
بدأت بالبحث المتواصل ، والقراءة الحثيثة والتلخيص لكل ما أقرأ ، وكل يوم أقوم بتطبيق قاعدة جديدة.
عانيت الأمرين !!!
كمن يتعلم الطبخ للمرة الأولى!
فالتربية ليست مجرد أم وطفل يجلسان في البيت وكفى ، إنما هي جهاد وصبر وضبط للأعصاب ، وكبح لمكابح عقلك عندما تبدأ صافرات الإنذار بالانطلاق !!
لكن وبعد أشهر قلال بدأت أشعر بتغيير لا بأس به ، فقد وضعت في دفتري وصفات تربوية مميزة ، منها ما هو مر كالعلقم ( القواعد التي يجب تجنبها أثناء التربية) ، ومنها الحلوة اللذيذة ( القواعد التي يجب اتباعها ) ، ومنها المالحة ( القواعد التي يجب التدرب والاستعداد لها)
وبدأت بتجربة جميع المأكولات والحلويات التي في دفتري ، وها أنذا أضع لكم طرائقها كلها 😊
أسماء أنواع الكعك المر الذي لم يحبه أحد من أطفالي :
* الصراخ
*المقارنة بين أطفالي ، أو بينهم و بين الآخرين
* الانشغال الشديد عنهم
*النهي والأمر دون توضيح الأسباب
*السخرية من إنجازاتهم أو تصرفاتهم
*المبالغة في الوعظ
– هذه الكعكات كلها يجب أن أمتنع عن صنعها ، فكتبت في بابها (مكروهات التربية ) – وجاهدت نفسي على عدم صنعها رغم سهولة طريقتها وسرعتها وتوفر مقاديرها ، خاصة مع ضغط العمل والمسؤوليات
أما بالنسبة للكعك المالح الذي بدأ أطفالي باستساغته ( خطوات عملية التغيير للانطلاق ) :
* أن أجعل حواري مع طفلتي إيجابياً ، وأنتقد بالتي هي أحسن
* أن أطلب منها ما تستطيع ، و لا أُشعرها بأن سقف تطلعاتي لقدراتها عالٍ، فتخاف إنجاز أي شيء
* أقارن طفلتي بنفسها : كيف كانت وكيف صارت ، بدل المقارنة بالغير
* أحمي طفلتي وأدللها بقدر ، و أنتبه من زيادتهما ، فإنهما إن زادا يضعفان شخصية الطفل و اعتماده على نفسه
* أقوم بتظيم أوقاتها وشخصيتها ؛ فالفوضى تقتل قدرات الطفل وتساعده على المراس العصبي
*يجب أن أكون قدوة حسنة لأطفالي حتى في كلامي وطريقته .
أما آخر قسم من أقسام الكعك فهي الحلويات المميزة 😋 ولن تتخيلوا كم أعجبت أطفالي ، وأنواعها كثيرة :
* المدح الوصفي : وهو أن أمدح فعلها مثلاً : ( أنا سعيدة جداً لأنك نظفت غرفتك ، أوووه ما شاء الله أنجزت واجباتك بزمن قياسي ) وهذا الأسلوب أفضل بكثير من قول أحسنت ، ممتاز ، انت رائع و كفى ! بل أُكمل بوصفي الحدث ؛ حتى لا تظن طفلتي أنني أتأمل منها فوق طاقتها ، و هذا يهبط من عزيمتها !
*الاستماع العكسي : أُعيد ما قالت مع نبرة توضيح مشاعرها ، مثلا جاءتني طفلتي وقالت بعصبية : اليوم أخذت علامة متدنية في الامتحان !!
أقول لها : أوه أخذت علامة متدنية ! أظن أنك منزعجة !
هذا يفيد بأن يشعر طفلي أنني أتفهمه ، ويتربى على إظهار مشاعره و مصارحتي بها ، بدلاً من كبتها ومن ثم تفجيرها في غير مكانها وزمانها ( في فترة المراهقة ، ما نعانيه مع أولادنا ما هو إلا سبب في كبت مشاعرهم عند الطفولة).
* أظهر لها مشاعري بدل لومها ، مثلاً : أنا أشعر بالضيق والانزعاج عندما تتحدثين بهذه الطريقة ، بدلاً من : لا تصرخي أو لا ترفعي صوتك .
* أدرب طفلتي بدلاً من تعليمها : فالتعليم في التربية هو شرح خطوات ( افعلي ، لا تفعلي) ، أما التدريب فهو رؤيتها لي و أنا أقوم بالفعل ثم تقليدها لي .
* استخدمي الحوار : إذا اعترض طفلك على قانون من قوانين البيت ، اسأليه لماذا يعترض ؟ واستمعي إليه ، وعندما يجيبك سيعرف الإجابة لوحده ، فقط أعطيه وقتاً للمناقشة والحوار ، فهذا سيحد من ثورات غضبه أو عناده .
* صفي ما عليه من مهام بدقة : إذا أردت من طفلك ترتيب الغرفة ، لا تقولي له رتب غرفتك ! بل حددي ما يجب عليه ترتيبه مثل : أنا أريدك أن ترتب سريرك ، وترفع الألعاب عن الأرض وتكنسها .
هذا يبرمج عقل الطفل على الدقة والإتقان .
وما زال هناك الكثير من الحلويات والكعك اللذيذ ، وما زلت أبحث عن طرائقها وأجربها ، حتى أخرج أجمل الكعك وأطيبه من مطبخ التربية 😊
و اختتمت دفتري بمقولة مهمة جداً لروبت فولهام ( لا تقلق أبداً لأن أبناءك لا يستمعون إليك ، اقلق لأنهم يراقبونك دائماً)